الخميس - 05 سبتمبر 2019 - الساعة 03:56 م
السلطة اليمنية الموجودة بالخارج، درجتْ على الطلوع إلى أعلى الشجرة عند كل دعوة للحوار، ومن ثم تبحث عن سُــلّــم للنزول حين يحاصرها الفشل من كل الجهات.
مثلما فعلت منذ بداية هذه الحرب حين ظلت ترفض مجرد الحديث عن حوار مع الحوثيين وصالح، ولكنها عادت وقبلت بذلك كما شاهدنا وشاهد العالم كله، بل وتحولت -بعد أن أخفقت بكل حساباتها- من رافض عنود إلى منادٍ ودود، ،متهمِــة الطرف الآخر بأنه من يرفضه ويتهرب منه.
اليوم هذه السلطة المسماة جزافاً بـــ"الشرعية" تفعل الشيء ذاته من التمنع.
فبعد أن ظلت طيلة الأسابيع الماضية ترى في الدعوات للحوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي رجسا من عمل السياسة وتنازلاً مهينا لها، عادت اليوم لتنزل قليلا من عالي الشجرة إلى وسطها، وتعلن أن الحوار مع الانتقالي فعلا يتم بجدة، ولكنها تداركت قائلة إنه حوار غير مباشر.
هذه السلطة التي يغلب عليها حزب الإصلاح، والتي هي بالأصل امتداداً لسلطة 7 يوليو 94م، هي أُسُّ الأزمة اليمنية بسبب غطرستها وفسادها ورعونة سياستها الطائشة منذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة، وهي من كان السبب الرئيس ببروز القضية الجنوبية، وظلت ترفض كل مسعٍ للإبقاء على وحدة يمنية حقيقية والاتفاق على مشروع سياسي حداثي "كمشروع وثيقة العهد والاتفاق"، ولكن كان لها ما أرادت في حرب 94م بإجهاض ذلك المشروع السياسي الطموح.
وحتى إذا ما انتهت تلك الحرب بتلك الصورة ظلت تلك السلطات ترفض كل دعوة للحوار والتصالح ولملمة ما يمكن لملمته، برغم اختلال كفة ميزان القوى وعلو سطوة خطاب المنتصر ومنطق قوته العسكرية.
فمن دعوة المصالحة الوطنية غداة تلك الحرب مباشرة التي انطلقت من داخل الحزب الاشتراكي، ومن ثم مشروع إصلاح مسار الوحدة الذي تقدم به المناضلَان: د.محمد حيدرة مسدوس وحسن أحمد باعوم، وما تلاها من دعوة ومبادرات ومشاريع حوار وتصالح، كل تلك الدعوات كانت تجابه بعجرفة سياسية ورفض لا مثيل لها إلا ما نراه اليوم من عجرفة وإعراض، ما يلبث أن يتلاشى -أو يوشك على ذلك- كما هو ماثل اليوم بحوار جدة!